الجمعة 23 مايو 2025 08:42 مـ 25 ذو القعدة 1446 هـ
بوابة صوت الصعيد
رئيس مجلس الإدارة محمد رفيع رئيس التحرير محمد عبد اللاه
×

” عطاء المنع ”

الأربعاء 9 ديسمبر 2020 12:02 صـ 23 ربيع آخر 1442 هـ

بقلم د. محمود العبد حسن

النفس البشرية تواقة للعطاء ، لأنه يوافق الطبع والهوى ؛ وتكره المنع لمخالفته الهوى ، فالنفس جبلت على حب من أحسن إليها ، ذلك شأن العبد مع ربه ، إذا أعطاه فرح ، وإذا منعه حزن

 فإن ربط العطاء والمنع بقيمتك وقربك من الله هو سوء نظر ، وضحالة تصور ، وفساد فهم . حرص القرآن الكريم على إبراز هذه النقطة لتصحيحها ومنع الإلتباس في الأذهان ، فجاء في محكم الآيات : " فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمني ، وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانني " ... الفجر (15:16) .

إن الدنيا دار إبتلاء وتمحيص ، حيث وضع الإبتلاء ليتمايز الناس ، ويبين الصادق من الكاذب ، الصالح من الطالح ، الغث من السمين ، فبسط الرزق أو قبضه إبتلاء من الله في كلتا الحالتين ، ليظهر فيه الشكر على النعمة أو البطر ، أو الصبر على المحنة أو الضجر ، الله يوزع الحظوظ في الدنيا توزيع إبتلاء !!

 إن سألت الله شيئاً فلا تبتئس إن منعك ولا تمرح إن منحك ، فأنت ممتحن في المنع والمنح ، ولطف الله لا ينفك عنك في المنع أو العطاء ، يقول الشيخ الشعراوي : " لعل الله حرمك ما تريد ليعطيك ما تحتاج " ، قمة الأدب مع الله أن ترض بقضائه ، وتحسن الظن به ، فرب الخير لا يأتي إلا بالخير ، حتى وإن ألمك المنع وعصى عليك الفهم فلذ بالأدب وارض بالقدر وإن خالف الأماني ونزلت العبرات ، فكم من أمنيات ملأت الصدور ، وكم من أحلام طارت لها العيون ، فلما انجلى الصباح ، وبانت الشمس في كبد السماء ، وانقشعت سحب الضلال ؛ فبان بأن قضاء الله خير قضاء ، وأن منعه هو عين العطاء .

مدير الطب الوقائي بمديرية الطب البيطري بقنـــــا