حكاوى القناوى
عادل صابر يكتب: الشيخ عبدالنبى كشّاف اللقايا

كان الشيخ عبدالنبى يزعم دائماً انه أقوى رجل فى مصر يكشف عن أماكن وجود (اللقايا )، سواء كانت فى الجبل أو داخل بيوت القرية، وكان دائماً يجلس مع أصدقاءه ليلاً على المقهى ويحدثهم عن ما رآه من أعاجيب أثناء الحفر، وأنه لديه 12 خادم، وسر سورة الزلزلة التى تجعل الأرض تهتز حين قراءتها، وهو الوحيد الذى يملك حزب ( الشَق السريع ) الذى أخذه من رجل مغربى منذ زمن طويل، وأنه عندما يتلو هذا الحزب تنشق الأرض ويأتيه الخادم كلمح البصر ليلبى طلبه على الفور، وأن هذا الخاتم الذى بإصبعه الخنصر هو مفتاح السر والذى ما إن يدعكه وينام، تأتيه الرؤيات بأماكن اللقايا.
ويظل كل ليلة يحكى عن مغامراته المرعبة فى القرى المجاورة وحوله الأصدقاء ترتعش قلوبهم والشيخ عبدالنبى يحكى قصصه ويقول : بس مشوار الترامسة واعر قوى، كان على تلاتة متر ونص، قريّب قوووى، والبيت تربته ناعمة ماتعبناش فى الكحت، ووصلنا للباب تانى يوم، وأول مافتحت الباب، ظهرت العجنة البيضا، حطيّت يدى على العجنة وقريت حزب الشق السريع اتفتحت على طول، وظهر الدهب، تبارك الله، دهب فرعونى، سبايك .. سبايك، حاجة تفرح !!.
فسأله محمود البس الذى كان يعشق قصص اللقايا : وطلّعتوا الدهب يامولانا ؟ فنظر الشيخ عبدالنبى بحسرة وقال : لا والله للأسف القلوب مش نضيفة، والطمع عمى الناس، أول ماشافوا الدهب يرهُج، اتعركوا والبنادق سحبت والباب اتقفل وخفيت اللقية، ناس عفشة، ثم يستطرد قائلاً : بس ماشفتش فى حياتى زى مشوار ( كوم الضبع )، دا كان فى بيت قديم على بعد ست امتار، مقبرة ملكية، الملكة حواليها الحاشية، 14 تمثال، تبارك الله.
فسأله عزب اب مسكينة : وطلّعتوهم ياشيخ عبدالنبى ؟
فأجاب الشيخ عبدالنبى بندم وحسرة : لا والله ياعزب ياواد خالتى، الرصد كان واعر قوووووى .. عبد أسود فى يده سيف طلع عليا كان حيقطع رقبتى لولا ماقريت حزب النصر للشاذلى لولا مااتحرق، زقانى المر، وبعد ماتحرق، وجيت اتلافى التماثيل، مالقيتهاش، كان فيه واحد فينا قلبه أسود طين، هو اللى ضيع علينا المقبرة، كل بلد فيها اللى مكفّيها.
وذات يوم أراد ابن عمه (سعدين العفى ) ان يعرف حقيقة ما يقوله الشيخ عبدالنبى الذى تراكمت عليه الديون، وكل يوم يقف على بابه الكثير من الدائنين، وهل ما يحكيه من قصص حقيقة أم من نسج خياله، فأحضر سعدين بعض الأتربة من على معدية قريتهم ووضعهم فى كيس وربطه ربطة محكمة، وأعطاه إلى الشيخ عبدالنبى قائلا له : والنبى ياشيخ عبدالنبى شوية تراب من بيت فى الدير الغربى، أصحابه كل يوم يشوفوا ديك أحمر غريب يطلع عليهم فى عز الضهر وياجوا يمسكوه يخفىَ، وهما شاكّين إن البيت فيه حاجة، وفرح الشيخ عبدالنبى فرحاً شديداً وتناول الكيس من ابن عمه سعدين وقال فى بهجة : لا دا الحكاية دى عايزه سهرة ياحج سعدين، الليلة دى أسهر عليه واتلى وبكرة الصبح تكون عندك النتيجة، وربنا يكرمنا أنا وانت ياواد عمى ، باين علينا حنعدِّى ياواد ياسعدين !!
وفى الصباح الباكر اتصل الشيخ عبدالنبى بسعدين وأخبره بالكشف والنتيجة المدهشة : مبروك ياسعدين، والله حاتجى معانا ع الطبطاب ياواد عمى، تبارك الله، تمثال جرانيت أخضر للإله حورس، يومين وحتبقى ملياردير ياسعدين، بص ياسعدين مش عايزين نضيعوا وقت، الليلة دى بعد العشا تجيب الجحش وتاجى خلينا نروحوا البيت ده ونخلِّص، خير البر عاجله.
وبعد العشاء ذهب سعدين بجحشه الأسود إلى الشيخ عبدالنبى وركباه وتوجها إلى المكان المقصود، وفوق معدية النجع نزل سعدين من على ظهر الحمار وقال للشيخ عبدالنبى : إنزل ياشيخ عبدالنبى ، فتعجب الشيخ عبدالنبى وقال : ايه فيه ياسعدين ؟! فقال سعدين : إنزل عايز اورّيك حاجة، فنزل الشيخ عبدالنبى وقال : عايز تورينى ايه ياسعدين، قال له .. شايف الحفرة دى اللى بين الفلقين، هى دى اللى جبت منها التراب، عشان اوريك كدبك يا كلب، ليك عشرين سنة تكدب ع الناس وتاكل حرام وتوكل عيالك حرام من مال الغلابة، لما ربيتلك كرش يا كلب من أكل البيوت وقعاد المنادر، يالطخ ياللى ماتحسش، يابارد ياللى ضريت على النصب، جايبلنا الكلام والحديت، والدَيّانة اللى بتطالب فينا كل يوم، عليا الطلاق حرّمت ما أروح الترامسة ولا كوم الضبع ولا نجع الترعة ولاطوخ ولادندرة بسببك، كل ماروح بلد يقولوا أهو واد عم الشيخ عبدالنبى وياجوا يطالبونى بالفلوس اللى عليك، جرستنا وفضحتنا وحطيت روسنا فى الأرض ياكلب. عليا الطلاق انت حتجيبلنا قتيل خشم الباب وماحنقدروا نطلعوا من بيوتنا.
وركب جحشه سعدين وقال للشيخ عبدالنبى عليا الطلاق ماتركب معاى تانى، لتروِّح مشى، وبيمين لو مابطلت كدب على الناس لأكون فاضحك فى البلاد كلها يانصّاب ... قال عبد أسود فى يده سيف قال، عبد يحش بطنك يابعيد.