السبت 26 يوليو 2025 05:14 صـ 30 محرّم 1447 هـ
بوابة صوت الصعيد
رئيس مجلس الإدارة محمد رفيع رئيس التحرير محمد عبد اللاه
×

النفق المظلم !!!

الجمعة 25 يوليو 2025 12:13 مـ 29 محرّم 1447 هـ

طالعتنا صفحات التواصل الأجتماعى ، منذ فترة ، عن حادثة أنتحار طالبة جامعية، بالقاء نفسها من الدور الخامس بحرم الجامعة، هذه الطالبة لن تكون الاخيرة وليست الأولى فى صف طويل من المنتحرين.

الاكتئاب بصرف النظرعن أسبابه ودوافعه، سبب رئيسى فى حوادث الإنتحار،كما أن أنتشار وسائل التواصل الاجتماعى بالإضافة إلى ظروفنا الاجتماعية والأقتصادية ، قد تكون من أسباب ارتفاع الاكتئاب وارتفاع أحتمالات الأصابة به.

وطبقا للجمعية التنسيقية المصرية للحقوق والحريات ب، تشهد مصر ست حالات انتحار أسبوعيا ؛81% من تلك الحالات رجال.كل حالة وفاة بالإنتحار يقابلها خمسون وعشرون حاله أنتحار فاشلة.

كل ذلك يدفعنا إلي نتناول ظاهرة " النفق المظلم" بمزيد من الدراسة ،والقاء النظرعليها لرفع الوعى المجتمعى وتصحيح النظرة للمرضى ودفعهم لتلمس العلاج النفسى والتربوى للمريض وحثهم على حسن التعامل معهم والرفق بهم والعمل على تجفيف منابعه ما كان لذلك سبيل.

فالمنتحر شخص وقف علي حافة من ضيق صدره ويأس قلبه وأوطنت المكاره به وأحاطت به الخطوب؛فدفعته دفعا إلى توقيع شهادة وفاته،طلبا للخلاص ونشداً للراحة،مطلقا صرخته الأخيرة فى وجه ذويه وندمائه ومن كان يبتغى التقدير منهم وينشد السعادة معهم.

ويرى الفلاسفة ومنهم "شوبنهاور" أن الإنتحار له صورتين،إما يكون تأكيد شغوفا لإرادة الحياة؛ فالمنتحر هنا لا يريد فعلا أن يموت،بخلاف أن يكون نفيا لإرادة الحياة؛فالمنتحرهنا يتخطى حاجز الأنانية ويكون مستعدا بالتضحية بنفسه لإنقاذ الأخرين.

ويرى علماء الأجتماع ومنهم "دوركايم" الإنتحار من خلال تفسير كمى للمجتمع:"الإنتحار إما نتيجة لإنعزال تام عنه أو انغماس مفرط فيه،وأما أنه مدفوع بيأس ناتج عن مشاكل فى العلاقات الأجتماعية أو مشاكل مادية.
ويقول د.مصطفى محمود عن الإنتحاروالمنتحر:"إنهم يقولون أن الإنتحار زهد فى الحياة ورفض للملذات،ولكنه فى فى الحقيقة حب للحياة وتهافت على الملذات،حب مريض وتهافت أنانى،إن المنتحر يحب حياته لدرجة لا يحتمل معها فقدان أى شئ من السعادات الصغيرة تبرق تحت عينه الشرهه والألام الصغيرة تعضه فى قلبه والحرمان يمثل له فى شكل كابوس رهيب أبشع من الموت، إنه كالعاشق الذى يهرب من معشوقته من فرط هيامه بها لأنه يخشى الفراق!!.

ويرى كثير من الناس أن الأكتئاب هو المتهم الأول والرئيسى فى حوادث الأنتحار؛ومن وجهه نظرهم هو احد مجالات انتصار إبليس على الأنسان،فيحوله من شخص سعيد او راضى او مقتنع بما قسمه الله له،إلى امرئ شكاء بكاء ساخط مكتئب.

الأكتئاب أحساس يكون الفرد فيه نهبا للشعور الداخلى،فالفشل وخيبة الأمل تحاصره،وتختفى البسمة ويظهر العبوس،ويهرب الأنشراح ويضيق الصدر،ويخور الجهد وتقل العزيمة،ويميل للوحدة والإنعزال،تحوطه النظرة التشاؤمية،وتقتله أفكاره السوداء وتجف دموعه،وحين يرتاح يشتكى جسده بدلا من روحه المنهكة ونفسه المتعبه.

ولعل من الغريب حرص المنتحر على ترك رسالة عقب أنتحاره؛رسالته الأخيرة قد تكون صرخه فى وجه من كان يأمل منهم الدعم والمساندة،أو اعتذار لهم،أو تبريرا او تفسيراً لأسباب انتحاره.

الاكتئاب مرض فردى العوارض،متنوع ومتعدد الأسباب،وغير قابل للحصر الدقيق،فكل مكتئب له مشاعر وأفكار وسلوك ونظرة مختلفة خاصة.

الأكتئاب يختار مرضاه بعناية،ولا يوجد استثناءات للإصابة لكن ربما المتدينين أقل عرضه له.
والأكتئاب لم يذكر صراحة فى القرآن الكريم وأنما عبر عنه بأوجهه المتعارفه كالحزن وضيق الصدر، حيث جاء بسورة النحل:"ولا تحزن عليهم ولا تك فى ضيق مما يمكرون"،ويقول تعالي:"فمن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء"،ويقول:"فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك"،وقال عن ام موسى:"فأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين".

ويحرص القرآن الكريم علي سد الطرق المؤدية الى الاكتئاب بالدعوة الى ترك اليأس وعدم القنوط فيقول:"ولا تيأسوا من روح الله"؛"ولا تقنطوا من رحمه الله".

ويثار تساؤل هل القرآن يصلح للعلاج فى كل الأمراض ومنها الإكتئاب،فمن المعلوم أن القرآن منهج عبادة،ولكن حين يأتى ليعالج،لا يعالج الخصوصيات وأنما يضع المبادئ،"وننزل من القرآن ماهو شفاء "،وجاء فى السنة:"خير الدواء القرآن".

هناك دراسة ماجستير حديثة بعنوان العلاج النفسى بالقرآن الكريم وأثره على تخفيف درجة الاكتئاب لدى المرضى جاء فيها:" بالأمكان التخفيف من درجة الاكتئاب من خلال القرآن والرقية الشرعية بقراءتها على المريض نفسه أو من خلال قراءتها على الماء وفى كل وقت يحتاج اليه المريض دون اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين والقراءة تكون من أهل المريض"، دون الإستغناء عن التوجه بأسرع وقت إلى الأطباء والمعالجين النفسسيين حتى يتم شفائه.

موضوعات متعلقة