صوت الصعيد

السبت، 27 أبريل 2024 09:22 ص
صوت الصعيد
جرأة .. موضوعية.. التزام
  • موتورولا
  • صنع في مصر
رئيس مجلس الإدارةمحمد رفيعرئيس التحريرمحمد عبد اللاه

أهم الأخبار

    مقالات

    السعادة

    صوت الصعيد

     بقلم د. محمود العبد حسن

    كلمة ما أسهلها ، وغاية ما أصعبها ، الكل يبحث عنها ويرجوها ويتمناها ويبحث عنها ، هل هي في المال فنعمل على جمعه ، لكن هناك الكثير من الأغنياء ليسوا بسعداء ،هل هي في السلطة والجاه والمنصب

    فهذا سيدنا معاوية ، يقول للناس في آخر أيامه على المنبر : " لقد مللتكم ومللتموني ، ثم يتجه إلى الله ، اللهم إني أحببت لقاءك فأحبب لقائي " ، وكم من صاحب جاه أو سلطان وهو غير راضي أو سعيد .

    لذلك يقول بعض الحكماء أن أنصبة الناس من النعم والنقم أو المتاعب واحدة ومتساوية لكن الفارق الوحيد في درجة الرضا .حديث السعادة حديث صعب وذو شجون ، فالناس في زماني قليل هم السعداء ،غيرظاهرين لينقلوا للناس خبرتهم ، أو يجهلوا كيف اكتسبوها ،

    فلنحاول سويا البحث عن السعادة ،السعادة هي مجرد شعور نفسي وليست أشياء مادية أو محسوسة ، فالسعادة والشقاء يتفقا معا في الأمر النفسي ، السعادة أصلها الحقيقي الرضا عن الحال سواء إيجابا أو سلبا،من هنا وجب التفريق بين حالتين وهما الرضا العاطفي والعقلي منه . الرضا العاطفي هومايوافق النفس وتشتهيه ، ويعمل على إشباع الغرائز والرغبات

    ولكن متى مال الميزان إلى النقص، أو تكدرت الأحوال فاختل التوازن ضاع الرضا ، وحل بدلا منه السخط ، أما إذا جرى نهر الحياة وفق ما يرغب ويشتهي ، كان سببا رئيسيا في ظهور العجب والتيه ، ومن أهم ثماره حب الذات والغرور والخيلاء وقد يؤدي ذلك الى الجنون من فرط العظمة .

    أما الرضا العقلي هو ذلك الرضا النابع من استعمال العقل ونابع من النقد والتقويم السليم للنفس والتوازن بين القدرات والطموح ويدل عليه الحكمة القائلة (اعرف نفسك) وحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" رحم الله امرئ عرف قدر نفسه " ، فمن هنا يرى الشخص أن مزاياه مهما تنوعت او كثرت قادمة من عند الله

    فمتى استقر ذلك في نفسه فلا مكان الغرور والشطط ، لذلك خاطب ربنا نبيه فقال له :(ولسوف يعطيك ربك فترضى) فحذف المفعول به ولم يصرح بنوع الرضا ،هل هو دنيوي أو اخروي ، هل هو صبر على الأعداء ام إعلاء لشأن نبيه ، هل هو مال ومغانم لأن ذلك ليس المقصود ولا المراد ولكن يراد الأثر النفسي للعطاء

     لذلك أهمل القرآن نوع العطاء وركز في النتيجة وهي أن يكون راضيا في الإجمال بما أعطاه ربه ، ويمثل ذلك قول بعض الصوفية : " يتساوى عند الخير والشر لأن كلاهما من عند الله " .

    نختم بمثال للتفريق بين الرضا العاطفي والعقلي منه ،نعطى بعض التعليمات الخاصة بالأطعمة والإرشادات لمرضى السكر والكبد والقلب ،ونفترض أنهم تعرضوا للجوع معا وقدمت لهم مائدة عامرة بما لذ وطاب سنجد أن من عنده رضا عقلي استخدامه عقله سيحول بين ما يريد ويشتهي ؛ فيكون هو الحاجز الذي يحول بينه وبين ما يريد ويشتهى

    . إن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان مباشرة كيف يمكن الوصول إلى الرضا العقلي ، وقد يظن البعض ضربا من ضروب المحال كلا ليس بمستحيل ولكن صعب لابد من السعي للوصول إليه . إن العقل صمام صغير هو الذي يحول بين الجموح في الرضا عن النفس سواء لأعلى أو لأسفل ، لكن لابد أن يستند إلى صمام أكبر ألا وهو الإيمان .

    مدير الطب الوقائي بمديرية الطب البيطري بقنا .

    السعادة-الطب الوقائي-قنا

    مقالات

    الأعلى قراءة

    آخر موضوعات