بوابة صوت الصعيد
x

عن ”أم كلثوم” والفيلم إياه ورد الوثائقية

الجمعة 19 ديسمبر 2025 11:20 صـ 28 جمادى آخر 1447 هـ
عن  ”أم كلثوم”  والفيلم إياه ورد الوثائقية

حسنا فعلت " قناة الوثائقية " بعرض فيلمها الوثائقى"أم كلثوم..الست والوطن" الذى بدأ بدور أم كلثوم الوطنى، ووسمت أم كلثوم بأنها"هى مصر عندما تتحدث عن نفسها" والذى يبدأ بنشأتها فى قرية طماى الزهايرة، التابعة للسنبلاوين محافظة الدقهلية،ومرحلة الكتاب والشيخ عبد العزيز،وهى تقر بصوتها أن الكتاب علمها القرآن واللغة العربية كأساس

ثم مرحلة إنتقالها للقاهرة حيث الأضواء ثم تمصير الفن ووجود نخبة مساندة لها بفضل أحمد رامى،ومحمد القصبجى،ثم النسخة الأولى من"أراك عصى الدمع"ثم أغنيتها عن الزعيم سعد زغلول فى بداية غنائها للوطن،وكيف أسست لوحدة عربية بزيارتها لفلسطين،حيث كان إطلاق لقب"كوكب الشرق" لأول مرة من سيدة فلسطينية،وكيف تبلور مشروعها الغنائي ثم زارت العراق لتظهر ملامح البعد العربى فى مشروعها الغنائي حيث أطلق عليها الشاعر العراقى الكبير"معروف الرصافى" لقب"ربة الفن"

وتلى ذلك مواكبتها حضورا وصوتا لأحداث عظمى بدأت بثورة 23,يوليو،1952,حيث حضر أول حفل لها اللواءمحمد نجيب،ثم غنت للجلاء"مصر التى فى خاطرى وفى فمى"؛وكان الزعيمعبد الناصر يراها رمزا وطنيا لايمكن المساس به،ثم جاء عدوان1956 فغنت من كلمات صلاح جاهين"والله زمان ياسلاحى" التى تحولت إلى نشيد وطنى لمصر،وظلت تواكب أحداث الوطن بشدوها إلى جوار الغناء العاطفى فأبدعت فعلا وشدوا،..

وقد قرأت مقالا للناقدة الفنية القديرة، ماجدة موريس، عن الفيلم إياه الذى يختلف عن الفيلم الوثائقى تماما الذى يوثق تاريخ أم كلثوم وارتباط فنها بالوجدان والوطن، بينما يبدو الفيلم إياه كإختيار للقطات عشوائية غير مترابطة،ووجدت أنها رغم طول المقال لم تبد رأيا قاطعا وكلماتها تتأرجح بين مدح الموسيقى والتصوير ولا تصف الفيلم والأداء وصفا كما ترى

ولأننى مثل كل المصريين أحب أم كلثوم،وتربت ذائقتى على أغنياتها،وأراها أسطورة غير قابلة للتكرار،وجدتنى أكتب هذا التعليق عن قصور الفيلم:-

"طيب ماهو كده فيه قصور واضح،لا أدرى هو عن جهل أم عن قصد،فهل من الطبيعى فى فيلم عن أم كلثوم ،إغفال السنباطى مبدع أعظم ألحان أشهر أغنياتها؟! وهل من الطبيعى إغفال ذكر أمهر واساتذة العزف ودورهم فى صعود وترسيخ أغنيات أم كلثوم مثل محمد عبده صالح، وفاروق سلامة، وسيد سالم، ومحمد القصبجى، ومحمد العربى، وحسين معوض، وعبد المنعم الحريرى، وكتكوت الأمير، وحسن أنور، ومجدى بولس، وهانى مهنى، ومجدى الحسينى، الذى كان أصغر أعضاء فرقتها ،وعزف للست وهو فى سن16سنة،وسامى نصير،وعباس فؤاد،وتادرس عزيز،وسمير سرور،وإبراهيم العريان، الذى سبق محمد عبده صالح فى العزف على القانون،وجرجس أفندى سعد،وعمر خورشيد،وأحمد الحفناوى وأميل عزيز،وعماد صموئيل،وعز الدين حسنى"شقيق نجاة" وغيرهم،

وهل من الطبيعى إغفال دورها الإجتماعى ومساعدتها لكل من يقصدها من بلدها أو من خارج بلدها؟وهل من الطبيعى إغفال أثر المرض عليها؟!وهل من الطبيعى تجاهل فراستها وحدسها وحسها الفنى فى إختيار بليغ حمدى، وتشجيعه؟!

كنت أتمنى لو عرض الفيلم فقط لقاء تعارفها ببليغ بواسطة محمد فوزى ،وكان يجلس على السجادة فقامت وجلست بجواره وقالت له:سمعنى،وبدأت الرحلة لأحد عشر أغنية خالدة، مما جعلنى أعتقد أن كاتب قصة الفيلم لا يعرف شيئا عن أم كلثوم،ولم يجتهد فى المعرفة بسبب الإستعجال مع أن له روايات لابأس بها..

وبعيدا عن اللغط الدائر أقول أن من يتصدى لعمل كبير كهذا عليه أن يستعد له،ويأخذ وقته،فقد لاحظت من العرض المقدم من حضرة الناقدة أنه مجرد فيلم مسلوق على عجل مثل أفلام المقاولات،وأن الكل مستعجل من أجل المال،وعاجز عن تقديم فن حقيقى،ربما اسثنى الموسيقى التصويرية والتصوير، وبعد ذلك سواء المخرج،المنتج،الممثلون،الممثلات، كاتب القصة والسيناريو،وما كان بنبغى لهذا أن يحدث فى فيلم عن أم كلثوم، بحالها،بشخصيتها، بكفاحها، بتاريخها، بموهبتها، بثقافتها، بوطنيتها الجارفة،

فمن الواضح أن المستوى لم يتجاوز أداء مجموعة هواة،غاية فى التواضع،وكانت نيتهم يعلم بها الله هم وصاحب الفكرة فى أن يكون الفيلم بهذا الشكل..

وأكاد أقول أن كاتب القصة وهى عن سيرة ذاتية لشخصية شهيرة لا يعرف عن من يكتب عنها شيئا،تقريبا إلا إسمها،كما تبدو إمكانياته ككاتب غاية فى التواضع والضئالة،تخيلى حضرة الناقدة المحترمة عندما يحتشد هؤلاء لعمل فيلم عن أم كلثوم بحالها فتبدو الفروق الكاريكاتورية الشاسعة المضحكة بين حجم النملة وحجم الهرم،ثم يخرجون لنا بهذا المسخ الفقير الضعيف الأى كلام فيتسبب فى كل هذا اللغط

وكم أتمنى لو كان لدينا حركة فنية قوية تشعر بالغيرة الفنية الحميدة وتقوم بإنتاج فيلم محترم حقيقى يليق بأم كلثوم ويشترك فيه مواهب حقيقية تبدع فى آداء أدوارها وأن يذهب كل من شارك فى هذا الغثاء إلى بالوعة النسيان والشطب من الذاكرة الفنية،لأنه ليس بفنان من يقدم أى شيئ من أجل المال مهما غلا هذا الشئ،خصوصا وكلهم بالنسبة لبداياتهم المتواضعة يملكون الكثير من المال ،ولاشك أن لديهم حد أدنى من الثقافة يميزون به ما يجب تقديمه عن أم كلثوم،وألا يسمح لصاحب مال فقط بالإقتراب من رموز مصر الكبيرة بعد ذلك على الأقل،مع كل الإحترام لشخص كل منهم وإنما أقصد المستوى الفنى فقط الذى أتمناه أن يكون أفضل مستوى فى العالم

مقال لمحمود طلبه الفار