بقلم: د. محمود العبد حسن

أبناء القرن الحادي والعشرين منشغلون بالدنيا، لايكترثون في طلبهم وسعيهم لها بين الغث والسمين،غيرمبالين بالتمييز بين الحق والباطل،لأن ظلمة المادة رانت على القلوب،فهم آناس بالأسم والصورة،وحيوان بالحقيقة والمعنى،لم يكتفوا بما أصابهم من زيغ وميل للباطل وامتلاء حظوظ أنفسهم وابتعادهم عن الحق،بل انحرفوا الى اشد من ذلك،الى معاداة أهل الفضيلة ومناصبتهم العداء بدون ذنب او جريرة اقترفوها الا اعلانهم فى الناس كلمة الحق والوقوف بصفها،فما كان من أبالسة الإنس الأ سفسطوا عليهم،ومن مدمنى الرذيلة الأ ان سخروا منهم.

أهل الفضيلة بالإضافة الى عذابهم المادى من حبس أو نفى او قهر يضاف اليه العذاب المعنوى من تقليل من شأنهم والإساءة اليهم والتشكيك فى دوافعهم،وربما كان العذاب المعنوى أشد وأقسى من العذاب المادى.

نتعجب من هؤلاء وصبرهم على ذلك الإيذاء وسرهم فيه،وبالبحث فى عالمهم نجدهم أنهم صفوة من الخلق،هذبوا أنفسهم،وعدلوا ميولهم،فملكوا الدنيا ولم تملكهم،ليكونوا أمثلة حية يعتبر بها المسرفون على أنفسهم فى حب الدنيا،ويعتبر بها المفرطون فى حقوق الله،ويكونوا حجه على الأخرين،كأنهم قبس من نور يضى فى ظلمه الدنيا ليرشدوا الناس الى طريق النجاة،اما اعدائهم فهم دوما اعداء الانبياء والمصلحين فى كل زمان ومكان،إنهم شياطين الأنس؛"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الأنس والجن يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا".الانعام /112.

يعج زماننا القديم والحديث بقصص من هؤلاء المصلحين فمنهم الامامين العظيمين أحمد ابن حنبل وابن تيمية والقائمة طويلة،وكما تضم السجون قتله ومجرمون،يقبع بين جدرانيها مصلحين واطهار،بقيه من الأخيار يدعون الى الهدى وينهون عن الفساد،هؤلاء البقية هم ملح الأرض وبهم يحصل النفع ويحافظ على المجتمعات من السقوط فى الهاوية،"فلولا كان من القرون قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد فى الأرض الا قليلا من أنجينا منهم".هود /116

. لعل فى قصه مقتل سيدنا الحسين اكبر شاهد على أبالسة الأنس ففى قتلته يقول العقاد:مسوخ بشرية(منهم الابرص والاعور،......) لديهم عداء للكمال الانسانى.

عزيزى كن انت من البقية،فان لم تكن منهم فلا تكن عليهم،فكما يقول الشيخ الشعراوى:ان لم تقف مع الحق فلا تصفق للباطل.