بقلم: ممدوح الصغير

رئيس تحرير " أخبار الحوادث" السابق

معظم الجنوبيين سيطرت عليهم  الحيرة، تملك الغضب نفوسهم وهم يتابعون دراما رمضان التى  فشلت فى تجسيد الواقع الفعلى للحياة والمشاكل التى يتعايش معها المواطن الجنوبى، أظهرتنا صعيدا اَخر غير الذى عشنا فيه، تعلمنا هناك، وغرست فينا قيم الرجولة والشرف منذ أن كنا   أطفالا .

ومعظم  الجنوبين  أبناء جيلى  يعتبرون اَخر عمل يعبر عن الصعيد كان  مسلسل "الرحايا" للراحل نور الشريف والذى كتبه المبدع عبدالرحيم كمال والذى  قدم نماذج نراه، كل شخصيات الرحايا فعلا موجودة فى الواقع، يوجد الشهم والخلوق والخسيس، حتى الأسماء التى ظهرت هى الأكثر تداولا. 

لم  تسعد دراما 2021 الجنوبين، لم  تنقل الواقع الحقيقى أظهرتهم تجار سلاح، المخدرات مصدر دخلهم وكأننا نعيش فى دولة يغيب عليها القانون، وشخصيات نسل الأغراب لاتمت للواقع، لايوجد بين كبارنا مثل عساف أو غفران لدينا  أفضل منهم الف مرة .

وغاب  عن صناع نسل الأغراب أن تكاليف إنتاجه كانت قادرة على صناعة واقع أجمل من الصورة التى قدمت بالعمل، وأعتبر أن كاتب النص محمد  سامى غير موفق وأساء للجنوب الذى عشت فيه أنا والملايين ونفتخر بأننا جنوبين، لا يوجد بيينا غجرى ولا أعرف من أين استمد كاتب العمل وجود غجر لهم نفوذ بالجنوب كبيرهم يمتلك الملايين وكأنه ملاك المال والأعمال، أزعم أننى أعرف قرى الجنوب من أسوان وحتى أسيوط،   المنيا نعتبرها درة الصعيد ومحافظة عريقة قوية بعائلاتها العربية الأصيلة، لن أعتبر إنها من ضمن محافظات الجنوب التى تطرق  لها مسلسل نسل الأغراب .

أعرف تركيبة السكان فى محافظة أسوان كما أعرف عدد حروف اسمي، أسوان من أجمل محافظات الجنوب قبائلها معروفة ما بين عرب وجعافرة ونوبيين، مجرد أن تعلن عن اسم جدك يأتون لك بشجرة العائلة، ليس فيها غريبا الكل معروفا والتفاخر بالاَصالة وليس بامتلاك المال، هى محافظة  تخشى العيب لذا تعد الاَقل فى نسب الجريمة، لا  أصفها بالمدينة الفاضلة، لكننى أتكلم عن واقع  تسجله  محاضر ودفاتر أقسام الشرطة .

وأفتخر بأننى من أبناء الأقصر قبلة الصالحين وأولياء الله الذين عاشوا بها  منذ ألف عام، ولدت فى قرى المطاعنة أجمل بقاع الأرض بعد الأراضى المقدسة ، من قرية بسيطة بأخلاق أهلها الأجمل بوجهة نظرى تحيطها الزراعات ويحف والنيل حدودها، أصوات العصافير تيقظك من نومك،  صوت الكروان يسبق صوت المؤذن، شق النيل الأقصر شرقا وغربا،  الأقصر يهتم أهلها بالتعليم يطلقون على قرى المطاعنة سوربون الصعيد  بها أكثر من 400 طبيب و100 صيدلى و200 مهندس و400 محامى، مائة قاضى ووكيل نيابة، 50 ضباط  شرطة وجيش، وأعداد  ضخمة من  كبار الموظفين بالضرائب والبنوك بخلاف أكثر من 20 صحفيا بخلاف  العشرات من أساتذة الجامعات ودائم  لها مقعد ثابت فى البرلمان، وسبق لها أن كان 3 من نواب البرلمان دفعة  واحدة .

وبنهاية حدود الأقصر تبدأ حدود محافظة قنا تمركز العائلات العربية التى  كانت مقيمة بها قبل الفتح الإسلامى، مركز قوص مسقط  رأس العلماء، وفقط مصنع الرجال الأقوياء وأخرجت العشرات من كبار المسؤلين .

قنا المحافظة محفوظة بضريح بالقناوى الذى بشر أهلها به، على البر الغربى قرية دندرة مهد العراقة والتاريخ والأساطير قرية امتدادها 17 كليو  بها أكثر من 17 نجعا، كل شبابها حفظة لكتاب لله، وعلى بعد أميال بعيدة منها مركز نقادة مهد القبائل العربية، أهلها أثرياء من السفر والتجارة.

شمال قنا لا يفرق كثيرا عن جنوبها دشنا بلد الشهامة ونجع حمادى بلد المشاهير وفرشوط  درة المحافظة، أبو تشتت فهى مدينة ذات طباع خاص،  معظم سكان القرى من القبائل العربية ويصعب على دارس الجغرافيا أن يتعرف على نهاية حدود قنا مع سوهاج يصعب أن تحدد القرية الفاصلة لامتزاج العادات والتقاليد .

جنوب سوهاج لايفرق كثيرا عن شمال قنا، البلينا وجرجا والمنشاة بلاد العلم والمال ثراء أهلها معلوم مصدره، شرق سوهاج لا تخلتف كثيرا عن جنوبها، سوهاج المدينة نفس المكون الأخلاقى والثقافى لمراكزها، طهطا مدينة العلم، جهينة مهد العائلات العربية، طما غنية بأخلاق أهلها، المراغة  مسقط رأس العلماء.

والصورة فى أسيوط لا تفرق كثيرا عن جنوب الصعيد، جميع مراكز أسيوط لها امتداد بالقبائل العريقة، حتى العائلات القبطية لها جذور قوية وأصالة، أخلاق الأهالى فى البدارى لا تفرق كثيرا عن أبنوب مسقط رأس الرئيس عبد الناصر، القوصية مدينة العلم أخرجت لمصر المئات من المشاهير.

كل هذه المحافظات  الجنوبية معلوم أخلاق أهلها وليس فيها صفات مسلسل نسل الأغراب الذى هو من خيال كاتبه، لو كان أتعب نفسه وتجول فى الصعيد، عاش بين بشره لقدم مسلسلا خرافيا، عشرات الموضوعات  يستطيع أن يركز عليها.

أهالى الجنوب يصرخون فى نفس واحد نسل الأغراب غريبا عليهم، هم  ليسوا تجار موت، ليس هناك  بشر أقوى من القانون، لم أتطرق إلى البناء الفنى  للعمل، هناك ملاحظات بالجملة منها أن الغجر الذى يملك كبيرهم  ملايين طائلة ويعشيون فى مخيمات.

عذرا ما  كتبته لأننى غيور على إننى جنوبى وأفتخر بأننى واحد ممن صدرتهم البلاد للعاصمة ولكننى لليوم أعيش بأخلاق الأمس.

هذا المقال نشر في موقع دار الهلال