بقلم: د. محمود العبد حسن

استأذن رجل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : بئس أخو العشيرة ، فلما دخل ألان له الكلام ، فقالت السيدة عائشة (رضي الله عنها) : يا رسول الله قلت الذي قلت ، ثم ألنت له الكلام ، قال : إن شر الناس من تركه الناس إتقاءا لفحشه .

نقابل من تلك الفئة والنماذج كثيرا في حياتنا ، وللأسف أحيانا نراهم وضع أو مكانة مميزة ، وتهابهم الناس وتخشاهم ، وتنزلهم منزلة رفيعة . ليست حسنات اللسان الطويل موجودة في البشر فقط ، موجودة في الحيوان أيضا ، فهناك حشرة تسمى العثة الصقرية ، تمتاز بلسانها الطويل والذي يصل إلى ٣٥ سم ، ترتشف به رحيق الأزهار ، ويساعدها على تجنب الأشواك وصيد المفترسات .

لا تغرك ما عددته من مزايا وحسنات خادعه للسان الطويل ، فالفحش والبذاءة وسلاطة اللسان برغم مميزاتها الظاهرية ، لكن علامة على سوء الخلق ، ودناءة في الطبع ، وفحش في السلوك . بالعكس من ذلك حرص أهل الأخلاق ورجال الدين على التحلي بالخلق الحسن والعفه واختيار العبارات اللائقة واللبقة والكنايات اللطيفة

، فيروى عن احد الصالحين أن ابنه مر عليه كلب ، فقال : مر يا كلب ابن كلب ، فقال له أبيه : روينا ، ثم ساق له حديث ان عيسى عليه السلام مر به كلب ، فقال له : مر بسلام ، فسأل عن سبب ذلك ، فقال : إني أخاف أن أعود لساني النطق بالسوء .

وها هو عمر بن عبد العزيز تراه دوما متحفظا في منطقه ، فخرج من تحت إبطئه خراج ، فأتيناه نسأله لنرى ما يقول ، فسألناه من أين خرج ؟ ، فقال : من باطن اليد .

يقول عبد الله بن المبارك رحمه الله : كاد أن يكون الأدب ثلثي الدين ، وأدنى درجات حسن الخلق هو تبسمك في وجه أخيك ، وأرقاها الحياء ، فكما قيل فالحياء لا يأتي إلا بخير . إن كان سوء الخلق وبذاءة اللسان تكسب صاحبها مهابة ومكانة زائفة، فإن حسن الخلق تعمر الديار،وتزيد الأعمار،وتجعل صاحبها عند بارئه مرضيا وبين عباده مقبولا مألوفا .