بقلم د. محمود العبد حسن 

هل أنت ممن يعاني من انتشار ذو الوجهين ؟،
هل يضايقك ما تراه من إقبال الناس على أصحاب المناصب ؟، وإدبارهم عنهم متى تركوا مناصبهم ؟،
هل تستاء من تناثر المحبة والود بين الناس في العلن ؟، وتراهم يتبارزون العداء والحقد والكراهية في الخفاء ؟،

لا تحزن ، ولا تبتئس ، فإنه آخر الزمان ، وهؤلاء هم أخوان العلانية أعداء السريرة .

ففي آخر الزمان يتحارب الناس بالألسن ، وتتباغض القلوب ، وتتقاطع الأرحام .

إنه زمن الدنيا والافتنان بها والحرص عليها ، والإنغماس في لذاتها ، فالدنيا أصبحت مملوءة بقوم وجوههم وجوه الآدميين ، وقلوبهم قلوب الشياطين ، سفاكون للحرمات ، ذبل الإيمان في الصدور ، وضاع محبة الخير للناس في النفوس ، وحل محلها الحسد والغش والأنانية .

أصبحت الحياة موسم انتخابات ، الكل يدعم الجميع علنا ، ويبيع أهله وكرامته سرا ، فسدت الحياة ، وساد الظلم ، وتغلغل الحقد بوجود أخوان العلانية أعداء السريرة .

تسألني ... ماذا أفعل والدنيا كما تصف ؟، أقول لك : لا تغرك كثرة النعيم ، سئل يوما الإمام علي : كم صديق لك ؟ ، قال لا أدري الآن ، لأن الدنيا مقبلة ، والناس كلهم أصدقائي ، وإنما أعرف ذلك إذا أدبرت ، فخير الأصدقاء من أقبل إذا أدبر الزمان عنك ، ولذلك قديما قال العرب : عند الشدائد نعرف الأخوان ، فها هو سيدنا أيوب لما أصابه البلاء وداهمه المرض وفقد الأهل والولد وتفرق عنه الجلساء والدزماء ولم يبق في محنته إلا الخلص من الإخوان .

وقديما قال الإمام الشافعي :
جزى الله الشدائد كل خير  ...  وإن كانت تغصصني بريقي .
وما شكري لها حمدا  ... عرفت بها عدوي من صديقي .

ففي مواقف الشدة تسقط الأقنعة وتعرف معادن الرجال كما تذهب النار خبث الذهب  .، فإن كنت في شدة وبلاء فلا تحزن ، ولا تقلق من تنكر الأحباب والأخلاء ، فغدا يشربوا من نفس كأسك ، فالأيام دول ، وقانون الله ثابت " تلك الأيام نداولها بين الناس "، أما إذا كنت مثلي في مقاعد المشاهدين والمتفرجين فعليك بالعظة والإعتبار ، فالعاقل من اتعظ بغيره .  
 

مدير الطب الوقائي بمديرية الطب البيطري بقنا .